المحور الإنساني العالمي للتنمية والأبحاث

المحور الإنساني العالمي للتنمية والأبحاث المحور الإنساني العالمي للتنمية والأبحاث
المحور الإنساني العالمي للتنمية والأبحاث

الجاذبية الصغرى التي ذهبت ريانة إلى الفضاء لدراستها

الجاذبية الصغرى التي ذهبت ريانة إلى الفضاء لدراستها

Microgravity that Rayyanah went to space to study

ما هي الجاذبية الصغرى التي ذهبت رائدة الفضاء السعودية لدراستها؟ المحور الإنساني يجيب. تأخذ المرأة السعودية اليوم أهميتها اللائقة بها كامرأة متعلمة ومثقفة تساهم في نهضة بلادها، كما تساهم في نهضة البلاد العربية، والإنسانية جمعاء، وهي إذْ تأخذ هذا الدور الهام؛ فلإدراك المملكة العربية السعودية لضرورة أنْ تؤدي المرأة السعودية دورها كاملاً، غير منقوص في خدمة بلادها، بوصفها نصف المجتمع، ولها اليد الطولى في رعاية الفرد، وتهيئته ليكون عنصراً صالحاً، مفيداً لمجتمعه، وأمته، وإنسانيته.

ريانة برناوي، هي أول رائدة فضاء سعودية تشارك في مهمة خاصة نظمتها الهيئة السعودية للفضاء، ووكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" وشركة سبيس اكس وشركة اكسيوم سبيس، وقد اتجهت ريانة إلى محطة الفضاء الدولية بعد أنْ انطلقت على متن المركبة الفضائية دراجن2 برفقة رائد الفضاء السعودي علي القرني، وآخَرَيْن أميركيين مِن أجل إجراء تجارب بحثية علمية في مجال الجاذبية الصغرى.

وفي هذا الصدد قالت ريانة: "لقد عملت كباحثة خلال السنوات العشر الماضية. البحث العلمي هو شغفي في الحياة. لقد عملت على الخلايا الجذعية، وإعادة هندسة الأنسجة"، بينما تهتم هذه الرحلة الفضائية بدراسة الجاذبية الصغرى. ونحن في المحور الإنساني، بدورنا كجهة علمية بحثية، نرى أنّه مِن واجبنا تثقيف القراء العرب حول الجاذبية الصغرى، فمشاركة ريانة برناوي ضمن طاقم مهمة AX-2 الفضائية، جعلتها أوّل امرأة سعودية وعربية تذهب إلى الفضاء.

ما هي الجاذبية؟

الجاذبية هي قوة طبيعية تجذب الأجسام نحو بعضها البعض. تعتبر الجاذبية ظاهرة أساسية في الفيزياء، وهي المسؤولة عن الحفاظ على تماسك الأجسام وتحركها في الكون.

وفقًا لقانون الجاذبية الشهير الذي وضعه العالم الإنجليزي إسحاق نيوتن، تزيد قوة الجاذبية بزيادة كتلة الأجسام وتتناقص بزيادة المسافة بينها. بمعنى آخر، كلما كانت الكتلة أكبر، زاد تأثير الجاذبية، وكلما كانت المسافة أقل، زاد تأثير الجاذبية أيضًا.

تعتبر الجاذبية الأرضية أحد الأمثلة الشائعة للجاذبية، حيث تجذب الأجسام نحو مركز الأرض. هذا ما يسبب سقوط الأشياء عندما يتم إلقاؤها أو رميها في الهواء، فضلاً عن الاحتفاظ بالأشياء على سطح الأرض.

تُعد الجاذبية أيضًا المسؤولة عن تحرك الكواكب حول الشمس وحركة الأجرام السماوية الأخرى في الكون. تمت دراستها بتفصيل من خلال نظرية الجاذبية العامة لألبرت أينشتاين، التي تقدم نموذجًا أكثر دقة لفهم الجاذبية على أساس الانحناءات المكانية والزمانية في الفضاء الزمكاني.

 

أنواع الجاذبية

  1. الجاذبية الأرضية: تعتبر الجاذبية الأرضية هي القوة التي تجذب الأشياء نحو مركز الأرض. هذه القوة تعتمد على كتلة الجسم ومسافته عن مركز الأرض. تُعرف قوة الجاذبية الأرضية بالقيمة التسارعية "9.8 متر في الثانية المربعة" تقريبًا على سطح الأرض.
  2. الجاذبية الكونية: تُطلق على الجاذبية الكونية أيضًا اسم "الجاذبية الفلكية". هذا النوع من الجاذبية يؤثر على الأجسام في الفضاء الخارجي، مثل الكواكب والنجوم والمجرات. تعتمد قوة الجاذبية الكونية على كتلة الجسمين ومسافتهما المتباعدة.

وهنا يجب الإشارة إلى أن نظرية النسبية العامة لألبرت أينشتاين قد قدمت نموذجًا جديدًا للجاذبية، حيث تقوم الكتلة والطاقة بانحناء الزمكان وتحدد حركة الأجسام في المجال الجاذبي. هذا النموذج يشرح الجاذبية على أنها تأثير هندسي في الزمكان بدلاً من قوة جاذبية تعمل عبر المسافات.

ما هي الجاذبية الصغرى؟

الجاذبية الصغرى هي مصطلح يُستخدم لوصف الحالات التي يكون فيها تأثير الجاذبية ضعيفًا بشكل كبير. عندما يُقال أن هناك جاذبية صغرى، يعني ذلك أن القوة التي تجذب الأجسام نحو بعضها البعض أو نحو جسم ضخم آخر أصغر بكثير من الجاذبية الأرضية العادية.

مثال على ذلك هو الجاذبية الصغرى في الفضاء العميق أو في المجرات البعيدة حيث تكون القوة الجاذبية ضعيفة نسبيًا بسبب المسافات الكبيرة بين الأجسام. أيضًا، في حالة الأجسام ذات الكتلة الصغيرة مثل الجسيمات الدقيقة مثل الإلكترونات والنيوترينوات، يكون تأثير الجاذبية أيضًا ضعيفًا ويعتبر غير قابل للملاحظة في الحالات العادية.

يتم استخدام مفهوم الجاذبية الصغرى في الفيزياء والفلك لتوصيف الظروف التي يكون فيها تأثير الجاذبية ضعيفًا جدًا أو لا يمكن اعتباره.

microgravity-that-rayyanah-went-to-space-to-study
الجاذبية الصغرى التي ذهبت ريانة إلى الفضاء لدراستها

 

الجاذبية الصغرى في الفضاء العميق

الجاذبية الصغرى في الفضاء العميق تشير إلى الوضع حيث تكون القوة الجاذبية ضعيفة بشكل كبير نتيجة للمسافات الهائلة بين الأجسام. في المجرات البعيدة والفضاء الخارجي، تتحلى الجاذبية بمستويات منخفضة جدًا مقارنة بالجاذبية التي نشهدها على سطح الأرض.

تحت تأثير الجاذبية الصغرى في الفضاء العميق، يصبح التأثير الجاذبي على الأجسام أقل بكثير مما هو عليه في الأماكن ذات الجاذبية الأعلى. هذا يعني أن التأثير الجاذبي على الأجسام الصغيرة أو الجسيمات الدقيقة مثل الإلكترونات أو النيوترينوات يصبح غير قابل للملاحظة في الحالات العادية.

في الفضاء العميق، حيث المسافات الكبيرة بين النجوم والمجرات، يكون للجاذبية الصغرى تأثير ضئيل على حركة الأجسام. هذا يعني أنه عند دراسة حركة الأجسام أو التفاعلات الجاذبية في هذه الأماكن، يجب أخذ الجاذبية الصغرى في الاعتبار وتحليل التأثيرات بدقة.

يجب أن نلاحظ أن الجاذبية الصغرى لا تعني أن الجاذبية غير مهمة في الفضاء العميق. بالعكس، الجاذبية الكونية تلعب دورًا هامًا في تشكيل وتطور الهياكل الكونية مثل المجرات والعناقيد المجرية. كما تؤثر على حركة الكواكب والنجوم والمواد الفلكية الأخرى في الكون. ومع ذلك، يجب أن نأخذ في الاعتبار الاختلاف في قوة الجاذبية وتأثيرها عند دراسة المناطق البعيدة في الفضاء.

التحديات التي تواجه دراسة الجاذبية الصغرى

هناك عدة تحديات تواجه دراسة الجاذبية الصغرى في الفضاء العميق، ومن بين هذه التحديات:

  1. ضعف التأثير: التحدي الأساسي هو أن الجاذبية الصغرى تكون ضعيفة للغاية في المسافات الهائلة بين الأجسام. هذا يجعلها صعبة الكشف عنها أو قياسها بدقة. التأثير الجاذبي الناجم عن جسم صغير قد يكون ضئيلًا جدًا لدرجة أنه يصعب رصده بالأجهزة المتاحة حاليًا.
  2. الضوضاء الفضائية: الفضاء العميق مليء بإشارات وضوضاء تأتي من مصادر متعددة مثل النجوم والمجرات والإشعاع الكوني الميكروي وغيرها. هذه الضوضاء الفضائية يمكن أن تسبب تشويهًا في البيانات وتصعب عملية استخراج المعلومات الدقيقة المتعلقة بالجاذبية الصغرى.
  3. التداخل مع الجاذبية الكبيرة: في الفضاء القريب من الأجرام الضخمة مثل الكواكب والنجوم والمجرات، يكون تأثير الجاذبية الكبيرة أكبر بكثير من تأثير الجاذبية الصغرى. هذا التداخل يجعل من الصعب تمييز وفهم التأثير الخاص بالجاذبية الصغرى وتحليله بشكل منفصل.
  4. التحديات التقنية: دراسة الجاذبية الصغرى تتطلب تطوير أدوات وأجهزة دقيقة وحساسة لقياس القوى الضعيفة المتلاشية في الفضاء العميق. تحتاج هذه الأدوات إلى أن تكون قادرة على التعامل مع البيئة القاسية للفضاء والتحديات التقنية المرتبطة بقياسات الجاذبية الصغرى.

رغم هذه التحديات، يعمل العلماء والباحثون باستمرار على تطوير تقنيات وأساليب جديدة لدراسة الجاذبية الصغرى في الفضاء العميق. وفيما يلي بعض الجهود والتقنيات التي تستخدم للتغلب على هذه التحديات:

  1. الأقمار الاصطناعية: تستخدم الأقمار الاصطناعية لقياس التغيرات الدقيقة في مجال الجاذبية في مناطق مختلفة من الكوكب. هذه الأقمار تتحرك في مدارات معينة حول الأرض وتقيس التغيرات في الجاذبية من خلال مراقبة الاختلافات في المسافة بينها وبين نقاط الاهتمام على سطح الأرض.
  2. تقنيات الليزر: تستخدم تقنيات الليزر لقياس التغيرات الدقيقة في المسافة بين الأجسام الفلكية. من خلال استخدام أجهزة الليزر والتقنيات المتقدمة للتداخل الضوئي، يمكن قياس التغيرات الدقيقة في المسافة بين الأجسام السماوية واستنتاج القوى الجاذبية المتعلقة.
  3. المحاكاة والنمذجة الحاسوبية: يستخدم العلماء النمذجة الحاسوبية والمحاكاة لدراسة تأثيرات الجاذبية الصغرى في الفضاء العميق. يتم إنشاء نماذج رياضية معقدة تعتمد على المعرفة الحالية للجاذبية والظواهر الفيزيائية المتعلقة، وتُستخدم لتحاكي وفهم الظواهر والتفاعلات في الفضاء العميق.
  4. تقنيات التصوير والمراقبة: تستخدم تقنيات التصوير والمراقبة المتقدمة لدراسة تأثيرات الجاذبية الصغرى. من خلال استخدام الأقمار الاصطناعية والتلسكوبات الفضائية، يمكن استخدام الأقمار الاصطناعية والتلسكوبات الفضائية لالتقاط الصور والبيانات عن الهياكل والتجمعات الفلكية في الفضاء العميق. تلك الصور والبيانات تساعد في فهم التأثيرات الجاذبية وتحديد الأنماط والتغيرات في التوزيع الكوني للمادة والمجرات.
  5. التجارب والبعثات الفضائية: تُنفذ تجارب ومهمات فضائية خاصة لدراسة الجاذبية الصغرى وتأثيراتها. بعض الأمثلة على ذلك تشمل مهمة جريس (GRACE) التي تقوم بقياس تغيرات الجاذبية الأرضية ومهمة لايزر الفضائية (LISA) التي تستخدم تقنيات الليزر لقياس الموجات الجاذبية.
  6. التعاون الدولي: يتم العمل بشكل وثيق بين الباحثين والعلماء من مختلف الدول والوكالات الفضائية لتبادل المعرفة والبيانات والتجارب في مجال دراسة الجاذبية الصغرى. هذا التعاون يسهم في تطوير تقنيات جديدة وتعميق فهمنا للجاذبية في الفضاء العميق.

باستخدام هذه الأدوات والتقنيات، يعمل العلماء على التغلب على التحديات وتوسيع معرفتنا بالجاذبية الصغرى وتأثيرها في الفضاء العميق. تلك الجهود تساهم في فهمنا لتشكيل وتطور الكون والظواهر الفيزيائية المتعلقة بالجاذبية وتقدم رؤى قيمة حول بنية الكون وعمله.

دور رواد الفضاء في دراسة الجاذبية الصغرى

رواد الفضاء يلعبون دورًا هامًا في دراسة الجاذبية الصغرى في الفضاء. بفضل رحلاتهم إلى الفضاء، يمكنهم المشاركة في التجارب والمهمات التي تهدف إلى فهم تأثيرات الجاذبية وتحديد سلوكها في بيئة الفضاء الخارجي. وفيما يلي بعض الأدوار التي يقوم بها رواد الفضاء في دراسة الجاذبية الصغرى:

  1. المشاركة في التجارب: يتم تخصيص جزء من بعثات رواد الفضاء لتنفيذ التجارب المتعلقة بالجاذبية الصغرى. يتم استخدام أدوات وأجهزة مختلفة لقياس التأثيرات الجاذبية وتحليل النتائج المتعلقة بالظواهر الفيزيائية في الفضاء العميق.
  2. تجميع البيانات: يقوم رواد الفضاء بتجميع البيانات المتعلقة بالجاذبية الصغرى أثناء رحلاتهم الفضائية. يقومون بتوثيق القراءات والملاحظات والمعلومات التي تساهم في فهم الظواهر الجاذبية وتأثيراتها.
  3. البحث والتحليل: يشارك رواد الفضاء في عملية البحث والتحليل العلمي للبيانات المجمعة. يتعاونون مع العلماء والفرق البحثية لفهم النتائج وتفسيرها وتطوير النظريات والنماذج المتعلقة بالجاذبية الصغرى.
  4. تقنية الاستجابة الحركية: يتعلم رواد الفضاء كيفية التعامل مع الجاذبية الصغرى وتأثيرها على حركة الأجسام في الفضاء. يقومون بتطوير تقنيات الاستجابة الحركية التي تساعدهم على التحرك والعمل في بيئة الجاذبية المتغيرة.
  5. توعية الجمهور: يقوم رواد الفضاء بدور هام في توعية الجمهور بشأن أهمية دراسة الجاذبية الصغرى في الفضاء. يتحدثون عن تجاربهم ومشاركتهم في الأبحاث العلمية المتعلقة بالجاذبية، وينقلون المعرفة والتجارب العملية للجمهور من خلال المقابلات والمحاضرات ووسائل التواصل الاجتماعي.

بالإضافة إلى ذلك، يقوم رواد الفضاء بتعزيز العلوم والتكنولوجيا عن طريق تطبيقات الجاذبية الصغرى في مجالات أخرى. على سبيل المثال، يمكن أن يتحدثوا عن فوائد الجاذبية الصغرى في تطوير التقنيات الطبية مثل الأجهزة المساعدة للحركة وتقنيات التأهيل، وكذلك في تحسين تصميم المركبات الفضائية والروبوتات في الظروف ذات الجاذبية المنخفضة.

باختصار، رواد الفضاء يلعبون دورًا حاسمًا في دراسة الجاذبية الصغرى من خلال المشاركة في التجارب وجمع البيانات والبحث والتحليل وتوعية الجمهور. تساهم جهودهم في تطوير فهمنا للجاذبية وتطبيقاتها المحتملة في مختلف المجالات.

وقد وصلت ريانة برناوي -أول رائدة فضاء عربية- إلى محطة الفضاء الدولية كواحدة مِن سعوديين اثنين ضمن طاقم مهمة أكسيوم-2 الفضائية الخاصة، والتي حملها صاروخ سبيس إكس فالكون-9 إلى الفضاء من الولايات المتحدة يوم الأحد 21 أيار 2023. وقد أعلنت الشابة السعودية البالغة من العمر 34 عاما، وهي باحثة في العلوم الطبية الحيوية، أنها حلّقت بأقراط جدتها.

وأثناء مهمة برناوي التي تستغرق 10 أيام في محطة الفضاء الدولية، تخطط الشابة لإجراء بحوث تتعلق بالخلايا الجذعية وسرطان الثدي. وتأمل أن تكون مصدر إلهام لنساء من كل الخلفيات في منطقة الشرق الأوسط. كما من المقرر أن يجري طاقم الرحلة أكثر من 20 تجربة علمية وتكنولوجية، بما في ذلك دراسة تأثيرات الفضاء على الصحة البشرية، فضلا عن تكنولوجيا الاستمطار، والجاذبية الصغرى. وكانت برناوي قالت حين وصولها: "المستقبل مشرق للغاية. أودّ أن تحلموا كثيرا، وأن تؤمنوا بأنفسكم، وأن تؤمنوا بالإنسانية".

وبرفقة برناوي على متن مهمة أكسيوم-2، علي القرني، الذي يعدّ ثاني رجل سعوديّ يرتاد الفضاء، فضلا عن أميركيين اثنين هما بيغي ويتسون، وجون شوفنر.وقد انطلق الطاقم إلى الفضاء في داخل مركبة دراغون الفضائية من  مركز كينيدي الفضائي في ولاية فلوريدا الأميركية في تمام الساعة 21:37 بتوقيت غرينيتش يوم الأحد 21 أيّار 2023. ووصلت المركبة دراغون إلى المحطة الفضائية الدولية في تماما الساعة 13:12 بتوقيت غرينيتش يوم الاثنين، بحسب تغريدة لمهمة أكسيوم.

 

من إعداد: المحور الإنساني العالمي للتنمية والأبحاث  GHPDR

Global Humanitarian Pivot for Development and Research